٧/٠٩/٢٠٠٨

مش فاهم .. يعني إيه نكون سوا ؛ و فجأة ما نعرفش نتواصل أبداً .. لا صوت و لا صورة .. يعني إيه يكون موجود قدامي ؛ و فجأة ينتهي ..
هل ده معناه إن الجسد مش أنا ..

افتكرت موضوع الاهتمام بالجسد و التعبير عنه خصوصاً في الأدب اللي بيقولوا عليه نسوي .. يعني إزاي نهتم بالتعرف على جسدنا و إزاي نتعامل معاه و نتواصل وياه .. يا سلام .. طب ليه أساساً ؟ مادام في لحظة بيكون الجسد مالوش أي لازمة .. يعني الشيء _ اللي مش عارف كنهه _ اللي اسمه : الموت بينهي أي فايدة أو شعور أو تواصل للجسد .. اللي بيموت بيبطل تنفس .. بيبطل أكل و شرب ؛ بيبطل شعور .. مش بيسمعني و لا بسمعه .. مش بيمارس أي شيء .. بس في جزء موجود و راح في حتة تانية .. اللي هو الروح .. راح فين بقى ؟ مش عارفين ..
راح ازاي ؟ مش فاهمين .. طيب ايه بقى ..

كل اما تحصل حادثة موت لحد قريب مني بتلبسني حالة غباوة على تبلد على اذمهلال .. هو فيه ايه ؟
طيب ايه لازمة الخناق بقى على اي شيء ؟ ما هو انا هنتهي في اي لحظة .. مش فاهم حاجة بجد .. و مش هفهم .. مش باين اني هفهم ..

وابن اللذين مهما انتظرته و توقعته لازم يفاجئ الواحد .. بيجي من حتت غريبة ؛ و في أوقات مش عارف .. مش فاهم فعلاً ..
هتجنن ..

يعني في لحظة ممكن الاقي نفسي مش موجود .. واحد عمال يقلب فيا و يحميني كويس .. و يلفوني في قماشة بيضه ..ما انا مش بتنفس فمش هحتاج مناخيري .. و يحطوني فين ؟
في الطينة .. تراب .. تحت الارض .. طيب ايه بقى ؟

يعني احنا بنعمل ايه ؟ بنهبب ايه بقى ؟ مش عايز حاجة بقى .. مش عايز ابقى هنا .. و مش عايز اروح حتة مش عارفها .. طيب انا اخترت امتى الحياة دي اصلاً .. لا اخترت و لا نيلت ..
اوفففففففففففففففففففففففففففففففففففففف

٧/٠٨/٢٠٠٨

من مجموعتي القصصية " نباتات الأسفلت " قصة: التصاق


تدهس أصابعي عجيزة السيجارة وسْط تقعيرة المنفضة.. ينبعث الدخان من فمي هادئاً يُطّير " الطفيه" .. فتهبط فوق المدينة المحزونة .. رمادية يا " بلقاس " و مُنجبة للفقر و العباقرة .. أسراب الحناطير الزاحفة كقطيع النمل الأبيض تولول في صخب ..

- كربج ورا ..

لسعات الكرابيج هادرة ، فرقعاتها تسلخ جلد المدينة .. حينها تتلملم البيوت .. مشبعة

بالطين و الكبرياء .. و الصمت يمارس سطوته .. الساعة تخطت الثامنة .. و المقابر في

أول البلدة .. سيدٌ أيها السكوت حتى ساعات الصباح المقبل يوماً .. لا يُقلق خلوتك نباح

أو نعيق .. فأُجاري خطوي وسط السكون .. الماء القذر يعانق جوربيّ .. يُرعشني .. لم

أجرؤ يوماً على النظر نحو المقابر نهاراً .. أخاف العفاريت و الحارات المسدودة .. و كلاب

المقابر سوداء .. لعينيها بريق الموت .. الموت .. يموت .. ميّت .. ما معنى ذلك كله .. ما معنى أن الهلاك حقيقة أبدية .. تلك العرائس تتوق للخروج .. الكابوس أزلي .. و الحالم لا يهمه شيء .. فلا التزام و لا زيف .. إنما حقيقة .. بينما المؤلف جالس في هدوء .. يترقب محاولات شخوصه الهزلية .. الأدوار ملفقة .. صامت يترقب .. و المنحوتات تتأرجح بين المعنى ..المعنى يتأرجح بين الرؤوس .. الرؤوس معلقة فوق الرقاب .. نحيلة بارزة العروق .. و الأجساد طعام ديدان الأرض .. الأرض كروية .. الكرة " البلاستيك " تلتصق بقدميه دائماً ..فيُهديني انفراداً بالمرمى الخالي .. أُحرز هدفاً .. أحتضنه .. ملتصقَيْن دائماً .. نقتسم اللقيمات و أعقاب السجائر .. نقتسم الحزن و الفتيات .. أبيضٌ طويل بعينين زرقاوين .. و أسودٌ قصير نحيف .. انبعثت من إبطيه يوماً رائحة البُن المُخلّط بالعرق ، فطردته من البيت .. عندها انسحق مادّاً يديه في خذلان .. و الكلمات راكدة .. فخلع قميصه رافعاً ذراعه .. كان جرحاً أُلقم بُنّاً ليمنع النزف .. فمددت لساني مطفئاً السيجارة فوق طرفه .. ثم التصقنا .. واحدٌ كالتراب هشٌ رقيق .. واحدٌ كالماء منساب بين الجميع .. و التصقنا .. صلصال كالفخار .. يومض بحياة ما ..بينما المقابر باسطةٌ الأذرعة .. ملقية خيوطها الرقيقة حول جسده .. تسحبه في رفق .. و أنا صاخباً حادّاً أتبعه .. أروم الصحبة .. لكّن نسج الخيوط حوله وحده .. إن تقدّم اخترق .. إن تقدّمتُ افترقت .. و الله إنّا ملتصقان .. و الله إنّا واحد .. واحدٌ صلب قوي .. واحدٌ هاديء لين .. " شعر منكوش.. كشاعر مثلاً .. أليس كذلك .. السجائر السوبر تبدو أطول من الزمن نفسه .."

بينما القش متقاطع مع الكراسي الخيزران ... أرمي ثِقل الجسد فوق أصابع القدم .. عندها يُذيب الملح الوجه .. فتحتضنني أمك .. تبكينا .. نحتتنا سوياً ..

- كان ابن موت ...

أللموت ابن حقاً؟ يحبو الابن .. يضحك .. يداعبه الجميع .. فيلتصق بهم .. يكبر .. يصبح موتاً .

يناير 2000