١٠/١٢/٢٠٠٧

رمضان لازم يكون 30يوم عشان المصلحة تتم

رمضان انتهى في السودان و ليبيا و السعودية أمس .. و انتهى في مصر اليوم ..
طب يا ترى إيه اللي بيخلي رمضان ينتهي ؟؟ المفروض ظهور الهلال الخاص بالشهر الجديد
طيب لمّا يكون الهلال ظهر في السودلن و ليبيا و السعودية .. يعني جنوب و غرب و شرق البلاد ..
اشمعنى مايظهرش في مصر
يا ترى عشان في سبوبة معينة لازم تكتمل باكتمال رمضان لتلاتين يوم ..
و أهو المصلحة تمشي .. و الا السبب ممكن يكون إيه ؟؟
بيتهيأ لي إنها من عجائب مصر المخروسة اليومين دول برضه ..

١٠/١١/٢٠٠٧

تقرير آخر .. عن مصر المدهوسة بجزمة الملك المفدى ..

عمي اللي ببوس ايده كل يوم الصبح " ابراهيم عيسى







تنعم مصر هذه الأيام - أو هذه السنوات - باحتضان نعل جزمة الملك المفدى حاكم الشمال و الجنوب .. تنعم مصر بماء ملوث أو لا ماء





أصلاً .. تنعم مصر بطعام مسرطن .. و تعنم كذلك بهواء أسود جميل ..






ربما بسبب هذه النعم التي تعج - أي والله تعج - بها مصر ، وقعت مصر تحت أثار حسد الحاسجدين و حقد الحاقدين ، فأصابتها عين .. و لم تفلح الخرزات الزرقاء و لا الشباشب البلاستيك في التصدي لهذه العين اللعينة التي أصابت مصر في أعز ما تملك ..






الأدب ..






لقد فقد صحفيوا مصر أدبهم و تجرأو و قالوا أن الملك المفدى صاحب الجلاة ربما يكون مريضاص أو ميتاً ..






و هي قلة أدب لو تعلمون عظيمة ..






فكيف بهؤلاء الصحفيون المأجورون يتصورون أن الملك المفدى من الممكن أن يصاب بمرض يقعده عن الحركة أو الكلام أو التفكير ..






كيف يتخيلون أن جلالته من الممكن أن يموت و يدفن في التراب و تأكل جسده الديدان ..






إنه صانع مصر الحديثة ..






صانع نهضة مصر ..






و الا انتوا مابتقروش يُفَط ؟؟












عموماً .. الدين لله و الوطن للجميع و الاتنين في حضن الوطن و حضن الوطن مدهوس..










١٠/٠٧/٢٠٠٧

من مجموعتي القصصية "نباتات الأسفلت " قصة : وقائع قصيرة من الشارع الطويل

وقائع قصيرة من الشارع الطويل
- تفاصيل التفاصيل:­­-
هذا الشارع طويل جداً و كلّه انحناءات ؛ لكنك لن تعرف هذا إلاّ إذا نظرت من عمارة " المكّاوي" ؛ و تحديداً من خلف سور السطح الواسع ؛ فلو كنت في بداية الشارع من ناحية ميدان " الخليفة " لن ترى أكثر من مدق ترابي ينتهي عند مقلة " الصعيدي" القديمة ، أمّا لو كنت في أول الشارع من ناحية ميدان " العلايلي" فستمتد عيناك لمترين فقط ، ثم تتوقف عند انحناءة مفاجئة يتصّدرها محل ضخم مزخرف بمصابيح بيضاء طويلة و تعلوها لافتة محفور عليها بخط النسخ "مقلة الصعايدة الكبرى " و لن تندهش طويلاً إذا شاهدت سيارة نصف نقل و أجولة كثيرة ، و حوالي عشرين رجلاً يرتدون الجلابيب الواسعة الأكمام .
هؤلاء كانوا أمام المقلة تماماً . كان الوحيد الذي ينتعل حذاءً فيهم هو " رزق" ، ثانياً كُمّي ثوبه حتى أعلى كتفيه و هو يُسقط الجوال تلو الآخر أمام مكتب " الحاج " .
لم يكن مسموحاً لأحد أن يقترب من المكتب ؛ لكّن " رزق" كان يجلس على الكرسي و أحياناً كان يفتح الدرج أو يغلقه ؛ و درج المكتب هو مكمن هواية "الحاج " في فرد أوراق النقود و رَصّها فوق بعضها ، أمّا بقية أبنائه ، فكانوا يضعون حصيلة البيع ؛ في كيس عبارة عن جوال مقطوع عند ثلثه التحتاني ؛ و هكذا........ لن ترى أكثر من أمتار قليلة ناحية اليمين أو اليسار ، لو كنت في أي مكان من هذا الشارع أو في أي بناية من بناياته ، و ستعرف أن الشارع طويل جداً و كلّه انحناءات ، حتى لو كنت واقفاً أمام عمارة " المكاوي" الواقعة وسط الشارع تماماً .
كانت حركة العاملين في المقلة سريعة ، و انتقالات أيديهم ما بين الفاترينات و كيس النقود
و أيادي الزبائن الممدودة محسومة دقيقة ؛ لا تكاد تراها ؛ كأنّهم يمارسون طقساً إيقاعيا يتسارع بازدياد أعداد الواقفين أمام الفاترينة العريضة ..
جميعهم يعرفونني و يمنحونني ابتساماتهم الساذجة بأسنان صفراء أو بنية ، اعتدت أن أمّد يدي بالربع جنيه ، فيعطيني أحدهم الكيس الورقي المترع بالفول المقشر ، ثم يضرب يده في الفاترينة ليملأ يدي الثانية ، فأبتسم شاكراً .. كنت أستغني عن عادتي يوم الجمعة حين تبدو المقلتان كالسواد و يختفي الصعايدة من المدينة تماماً ، ما عدا " فكري" القَمّاش" ؛ فقد كان صعيدياً أيضاً لكنّه كان مسيحياً .
- وقفة:-
عندما اقترب " فكري" القَمّاش واضعاً ذيل ثوبه في فمه ، و هو يسند عصاه الطويلة التي تحمل بضاعته على كتفه ، قال أن زبوناً جعله يفرش كل أقمشته على الأرض ، فأهلكها المطر و الطين ؛ و ظلّ واقفاً ينظر نحو الأرض ، فقلت له : " الناس مضطهدينك عشان مسيحي يا فكري " ...
فملأت ضحكاته الشارع كلّه ..
- الجمعة:-
يوم الجمعة هو اليوم الوحيد الهاديء نسبياً في الشارع .. فتستطيع سماع صوت "نسرين" الهاديء الرطب و هي تنادي على الخبز الطازج ؛ كل قاطني الشارع يشترون الخبز من "نسرين" و كل العابرين يحّبون وجهها الملائكي و نصف ابتسامتها ، حتى أنّ عمّ " صدّيق" المكوجي كان يبحلق فيه دقيقة كاملة بعد أن يغلق دكانته ساعة المغربية كل يوم ؛ و يقول أنّ وجهها هو الطازج ؛ و أن الناس يشترون الخبز البارد من أجل نصف ابتسامتها و قولها " اتفّضل" .
- الولد "رزق" :-
" لم يعد هناك همّ يشغلني"، لم يعد هناك شيء.." .. كانت هذه الجملة تتردد في دماغ "رزق" ، تعلو و تنخفض و تصيبه بالصداع ؛ و كان هذا أكبر همّ في حياته ، " لم يعد هناك همّ يشغلني .."؛ أن تتعدد الهموم ، تتكاثر و تحيطه و تمتد على طول طريقه فلا يعود يرى شيئاً من خلالها ، حتى انّه لا يراها ذاتها ... " لم يعد هناك همّ يشغلني .." ؛ كانت الهموم جيلاتينية تسبقه في كل خطوة ، مع أنه تعلّم أن يتوقع الأسوأ دائماً ، مقروف و حزين بلا سبب ، لا يمسك شيئاً بيده ، كان سروره هستيرياً و ضحكاته صاخبة مُبالغ فيها ، يريد أن يكون ساكناً راضياً و طيّباً يحبه الجميع و يحّب الجميع ، ".. لم يعد هناك شيء ....." كانت أمنيته أن يكون حماراً ، أن يكون مثل "فتحي" .." فتحي لا يعرف شيئاً سوى الشيشة و البقشيش .. فتحي لا يعرف نسرين مثلي " ،.. يغتاظ " رزق" حين تبتسم " نسرين" لزبائنها ، تمنحهم أسنانها و عينيها ، لكّنه يشتعل حين يشير " فتحي" لذلك ، كاد يقتله أمس حين قال له أنها مجرد "عاهرة" صغيرة – كاد يقتله فعلاً - . لكّن " فتحي " أقنعه أن كلمة "عاهرة " كلمة مطاطة ؛ و هي تعني بلهجة أهل المدينة " الفتاة التي تعرف هدفها جيداً " ؛ ثم قال له أنّ كل النساء " عاهرات " حتى أمّه – أمّ " فتحي" نفسه- ، و سقطت صينية المشاريب من يده .
- وقفة:-
" أمّ فتحي" كانت تنام مع عمّ " صدّيق" المكوجي عندما كان " فتحي" في العاشرة ؛ و حين أخبر أباه أن " صدّيق" أجبره على النوم تحت السرير لينام فوق أمّه هو ، حاصر " أبو فتحي" زوجته في ركن الغرفة و حطّم عكازه على رأسها ثم رمى نفسه من فوق السطح ...
" لم يكن هناك شيء ..." قالها " فتحي" هذه المرّة ثم كنس الزجاج المكسور.
- الحجرة :-
في الحجرة الصغيرة المُغلقة دوماً من الداخل ، ترّبعتُ فوق المكتب البارد ، كنتُ جالساً مثل الكاتب المصري أحوال التركيز في شيء ، قعد " فتحي" على البلاط يحرق القوالح فوق نار " البابور" ، و قام " رزق " ليشتري خبزاً ؛ ثم عاد بعد ساعة – كانت يده فارغة-.
- عادة :-
أن تجد أحداً جوارك ، يحزن حين تحزن ، يفرح حين تفرح ، يبحث عنك دوماً و تبحث عنه ؛ تفخر أمامه بانتصاراتك فيكون سعيداً ، يأخذك بين ذراعيه و على صدره حين تنهزم ؛ تتكلم له و عنه و به؛ يكون نقطة انطلاقك و وصولك في كل شيء ؛ النقطة البيضاء داخلك ؛ أن تجد أحداً تتنفسه و يتنفسك ، تكون له وحده و يكون لك وحدك و بعده العالم كلّه ....
فقط انظر لعينيه دائماً حتى لا تنساه حين يتركك ، تذّكر عينيه جيداً ثم اِبكِ، اِبكِ لِتُشّكل دموعك حروف اسمه ، ثم جِد أحداً آخر جوارك ، لا يتركك تنفث دخان سجائرك حتى الموت.
- حالة:-
بجوار مكواة عمّ " صدّيق" سندت ذراعي ، نظرت لأعلى حيث التلفزيون المتهالك يعرض نشرة الأخبار ؛ قال المذيع أنّ مئتي شهيد أشعلوا نار الانتفاضة منذ 28 سبتمبر ، و أنّ " باراك" يهدد باستخدام القوة إذا لم يتوقف الإرهاب الفلسطيني.. ضغطتُ أسناني ببعضها ثم سحبت نفساً عميقاً و نفخته في قبضتي ، قال عمّ " صدّيق" أنّه لا ينسى مشهد " عرفات" و هو يُقّبل يد " أولبرايت" وزير خارجية أمريكا العام الماضي ؛ فقلت له أن الحكومات شيء و الناس شيء آخر ، وضع " فتحي" الشاي على المصطبة أمام الدكان و قال : " الفلسطينيين" باعوا أرضهم زمان و مش عارفين يرّجعوها ، و أجدادنا باعوا أرضنا للإنجليز و يبيعونها الآن للأمريكان .. المصريين طول عمرهم فهلوية .. النهارده نبيع ، وبكره نأمم ....." .
- الليل : -
الليل فارد ذراعيه حتى القمر ، أمّا عمود الكهرباء الوحيد المضيء فيبدو كغروب متأخر، التراب أكوام فوق طبقة الأسفلت المقشورة . أُراقب هذا الليل من بدايته و أتذكر " فتحي" .. تتخبط الكلمات في رأسي..الناس.. الوعي..الثورة .." فتحي" .. تروح الحكايات و تجيء .. " رزق" .. " نسرين" .. " أبو فتحي".. معي عود كبريت واحد و عينين كالجفاف.. أملك نصف علبة سجائر و حذاءً قديماً و جسداً منهكاً .. أنا الجالس بمقعدة باردة و بنطال متسخ من صدأ الساقية ، أمّا هي فراقدة كوحش إغريقي قُتل بغتة . مازال الليل يُشكّل حروفه المبهم حولها و أنا مثّبت عيني نحو فلتر السيجارة المحترق ؛ كان دخان سيجارتي متصاعداً و لا يشبه شيئاً ،أحطته بكفّيّ و ركبتيّ . كنت أصعد سنتيمتراً ثم أسقط على الأرض، كنت أصعد ، كنت أسقط تحت الأرض ، في باطنها.... يحاكمني المُخنثون من الجن و تعشقني أميراتهم ذوات الأثداء اللانهائية .. أشعلتُ عودي الأخير ؛ثم التّفتُ نحو مدىً مغلق .. و كنت وحدي.. نثر الحكايا القديمة اشتعالي .. شحيحٌ يومي .. و انكسار المدى مستحيل.. لم أكن أنظر ناحية المقهى كأنه أعطاني ظهره الملاصق للحقول الممتدة و كأنّها تنفي انحناءات الشارع.
هنا يندر العابرون و السيارات بعد العشاء ، يقف القوادون و العاهرات كل ليلة .. هل أجد " نسرين" بينهم .. اخترت هذه الزاوية حيث أراهم من جلستي فوق الساقية و هم يدّسون سجائر "البانجو" بين شفاههم ؛ و يبصقون البذاءات على سلّم المسجد الجديد .. ماذا لا تجلس معي يا " فتحي" .. أم تُفّضل الجلوس وسط الشارع الطويل الذي كلّه انحناءات .

- رجفة :-
لمّا جلستُ على الكرسي المزوي كانت يد " فتحي" مرتجفة هذه المّرة ؛ وضع كوب الشاي بين يديه ووقف ؛ كان غريباً أن ترتجف و الأغرب أن يتوقف أمامي بعد أن يضع الشاي؛ نزل بفمه جوار أذني و قال لي بصوت مبحوح " انت صحيح كنت بتوّزع منشورات أول امبارح ؟.."
كنتُ صامتاً .. " قرأتُ المنشور الملصق على باب المقهى " .. لم أجبه .. " الحقيقة أن نسرين هي التي أخبرتني " أنتِ ثانية يا " نسرين " .. كل شيء فيها طازج إلاّ عينيها ... الجزء الهارب من شعرها فوق أذنيها .. حتى الايشارب الذي ترتديه لم يكن متماسكاً أبداً ؛ كان شعرها أسوداً و عيناها عسليتين ؛ جسد " نسرين " متماسك و أصابعها رقيقة .. لم أكن أشتري منها خبزاً ؛ لكنني اشتريت منها مرّة " قُرصة بالعجوة" .. " لا تخف فلن أخبر أحداً .. أنا أيضاً لا أشرب الكوكاكولا ؛ و أكره الأمريكان .." ؛ تركته و دخلتُ حمّام المقهى ، وقفت مرتجفاً ألعن الجميع .. " وراء كل مصيبة في هذا الشارع امرأة .. رحمك الله يا أبا فتحي" . هذا الشارع طويل جداً و كلّه انحناءات .. و غرفتي مختفية في انحناءة صغيرة .
- وقفة :-
قالت لي " نسرين " : " معنى مقاطعة البضائع الأمريكية أن أموت " باغتتني بكلامها فتسّمرتُ..." الدقيق اللي بيتعمل منه العيش اللي معّيشني أمريكي .. أمريكي بس .." فغمغمتُ قائلاً " أن الأمريكيين تغلغلوا تماماً في مجتمعاً " .. كنتُ مندهشاً أنها قرأت المنشور ؛ لم أكن أعلم أن " نسرين " تعرف القراءة .. هذا الشارع كلّه انحناءات ..
- " أبو الأنوار":-
حين عبرت ٌ الشارع من ناحية ميدان " الخليفة" كانت بقالة " العشرة الطيبة " هي صاحبة الضوء الوحيد في هذا الشارع ، إضاءتها كشفت لي نقرتين مملوءتين بالطين كدت أخطو فوقهما ؛ و لمّا كان الهواء البارد يلسعني كنتُ أشّد بكّفي على عضلات ذراعي فكان القميص المبتل يزيدني ارتجافاً ، في ازدياد انكماشي و خوفي من الظلام و نباح الكلاب فرصة سانحة للعفاريت كي تقرض رأسي أو تدّق على ظهري . " إبراهيم " كان ينظر لي بابتسامة ودودة مُحّفزة ، دعاني للاحتماء من المطر داخل دكانته؛ " العشرة الطيبة " عبارة عن متر في متر و نصف ، لا تكاد ترى داخلها بضاعة تُذكر و سوف تقع في حيرة حقيقية حين يُلّبي " إبراهيم" طلبات زبائنه أمامك و كأنه يخلقها في اللحظة؛ ابتسامة " إبراهيم " الرقيقة تُخجلني و تُرعبني ؛ فهو يُحّدث الجميع بلطف ؛ و مع ذلك لا تكاد تراه يُحّدث أحداً . كان الجميع يُرددون أنه شاذ جنسياً ؛ فهو لم يتزوج أبداً منذ عرفه الشارع طفلاً يعاون أباه في " العشرة الطيبة " .. كل واحد يحكي لك حكاية سمعها عنه ؛ و لكّن أحداً لم يتعرض لشيء حدث له هو شخصياً مع " إبراهيم" إلى أن جاءت حكاية " أبو الأنوار" معه؛ و كانت فضيحة ؛ فقد شاهد " صدّيق" المكوجي "ابراهيماً" و هو يعاون " أبا الأنوار" في إتمام عادته السرية خلف الفاترينة ، قال " صدّيق" أنهما كانا جالسين كالضفادع . و لم يعرف أحد ما الذي جعل " صدّيق" يذهب إلى هذه الناحية في هذا الوقت المتأخر و هو الذي يُغلق دكانته قبل المغربية ؛ " إبراهيم" أقسم لي أنّ " أبا الأنوار" كان يطلب نصيحته في مرض منعه من إرضاء زوجته ؛ و لم يجرؤ أحد على سؤال " أبي الأنوار" أو مجرد التلميح له بما حدث ، فقد كان رجلاً شرّانّياً .
- الخبر :-
اقترب " أبو الأنوار" من " إبراهيم " ثم انحنى بجوار أذنه ، عندما رآهما " فتحي" ضحك ضحكة صفراء ، ثم وضع صينية الشاي جوارهما و ذهب . قال " أبو الأنوار" : البت بتاعة العيش طِلعت متجوزة .."
-"نسرين"..........؟
- " أيوه .. و مِتطّلقة كمان ....."
- " تعرف إن عندها خمستاشر سنة ؟" ..
- " عرفت إنها كانت متجوزة عرفي من واد طالب في الصنايع و لمّا أهله عرفوا إنها حبلت خلّوه يطلقها .."
- " و مخّلفة كمان ..؟"
- " لأ .. ما أهل جوزها ضربوها لحد ما سقطت ....
و ابتلع " إبراهيم" كوب الشاي مرّة واحدة ثم ربّت على كتف "أبي الأنوار" .
- الإتاوة:-
" أبو الأنوار" يكره كل ضباط الشرطة و المخبرين مثل بقية أهل الشارع ؛ الفارق الوحيد أن اسمه و صورته كانا مُعلّقين في كل أقسام الشرطة. ظَهَر " أبو الأنوار" في الشارع فجأة منذ عامين ؛ و كان يسكن مع زوجته في غرفة صغيرة جوار غرفتي ؛ فلم أستطع دخول الحمّام من يومها .. كان الجميع يكرهون "أبا الأنوار" ما عدا "إبراهيم" و لكنّهم كانوا يدفعون له الإتاوة كل موسم و كانوا يدفعون الضرائب كل شهر . و يقولون أن الله سينهي عمر الظالم بيد ظالم مثله . و هو يقول لهم كلّ صباح " ما يضايق الزريبة إلا البهيمة الغريبة " ثم يضحك حتى يصل صوته لآخر الشارع ؛ و حين مسح بيده على مؤخرة " نسرين" ضربته بحذائها البلاستيكي على رأسه و فرّجت عليه مخاليق الله أقسم أن يمتطيها وسط الشارع في عزّ النهار .
- وقفة:-
عندما غادر " رزق" المقلة متجهاً صوب المقهى رمى بعينيه ناحية اليمين ، رأى " نسرين" ترتدي تييراً رمادياً يُشبه مرايل المدارس ؛ وضعت على شفتيها لوناً أحمراً ثقيلاً ؟، و كان هناك طوق مرشوق في شعرها . لم تكن تلبس الايشارب ... كانت " نسرين" جميلة .
قرّر " رزق" أن يضرب " أبا الأنوار" و ليكن ما يكن . ثم عاد للمقلة .
- الأذان:-
اختلط صوت المؤذن ساعة الظهر بصوت صراخ حاد .. توقف اللغط في الشارع ؛ لم يكن هناك غير صوتين – الأذان و الصراخ- هل يكون الجميع نائمين ، هل يعلمون أنه صوت "نسرين" ... أيكون " أبو الأنوار" يُنّفذ قسمه ، صوت "نسرين" يقترب ؛ و أنفاس " أبي الأنوار" تلاحقني ؛ و ثمة شيء جعلني أُشعل التلفاز و أتظاهر بالنوم ؛ كان المذيع يُعلن آخر الأنباء .. أتظاهر بالنوم .. صوت "نسرين" يعلو صوت الرصاص ... كان المذيع مُبتسماً و وراء ظهره صورة مُهتزة لولد قمحي مُلقى على الأرض ؛ أنا نائم ؛ ازدادت ابتسامة المذيع .. تحلّقت مجموعة من العساكر الصهاينة حول الولد .. صوت "نسرين" يقترب أكثر .. ضربوه بالرصاص في ساقه حتى انفصلت عن جسده ؛ ولولة "نسرين" تعلو ....أمسكها و هو يجّز على أسنانه و قال " اقتلوني يا أولاد الكلاب ... و اللّه أنا نائم .. كانوا يلوكون اللبان و يبصقون حوله .. كانت البصقات تقفز من التلفاز نحوي.... امتلأت الحجرة بالنخامة و البصاق الأصفر ..ضربتُ بذراعيّ لأُزيل اللزوجة التي تحيطني ....؛ تلاشى صوت "نسرين" تماماً و ابتلعتُ البصاق حتى آخره................... نظرتُ من النافذة على الشارع القصير الذي انكمش في انحناءة مظلمة .
فبراير 2001