٧/٠٨/٢٠٠٨

من مجموعتي القصصية " نباتات الأسفلت " قصة: التصاق


تدهس أصابعي عجيزة السيجارة وسْط تقعيرة المنفضة.. ينبعث الدخان من فمي هادئاً يُطّير " الطفيه" .. فتهبط فوق المدينة المحزونة .. رمادية يا " بلقاس " و مُنجبة للفقر و العباقرة .. أسراب الحناطير الزاحفة كقطيع النمل الأبيض تولول في صخب ..

- كربج ورا ..

لسعات الكرابيج هادرة ، فرقعاتها تسلخ جلد المدينة .. حينها تتلملم البيوت .. مشبعة

بالطين و الكبرياء .. و الصمت يمارس سطوته .. الساعة تخطت الثامنة .. و المقابر في

أول البلدة .. سيدٌ أيها السكوت حتى ساعات الصباح المقبل يوماً .. لا يُقلق خلوتك نباح

أو نعيق .. فأُجاري خطوي وسط السكون .. الماء القذر يعانق جوربيّ .. يُرعشني .. لم

أجرؤ يوماً على النظر نحو المقابر نهاراً .. أخاف العفاريت و الحارات المسدودة .. و كلاب

المقابر سوداء .. لعينيها بريق الموت .. الموت .. يموت .. ميّت .. ما معنى ذلك كله .. ما معنى أن الهلاك حقيقة أبدية .. تلك العرائس تتوق للخروج .. الكابوس أزلي .. و الحالم لا يهمه شيء .. فلا التزام و لا زيف .. إنما حقيقة .. بينما المؤلف جالس في هدوء .. يترقب محاولات شخوصه الهزلية .. الأدوار ملفقة .. صامت يترقب .. و المنحوتات تتأرجح بين المعنى ..المعنى يتأرجح بين الرؤوس .. الرؤوس معلقة فوق الرقاب .. نحيلة بارزة العروق .. و الأجساد طعام ديدان الأرض .. الأرض كروية .. الكرة " البلاستيك " تلتصق بقدميه دائماً ..فيُهديني انفراداً بالمرمى الخالي .. أُحرز هدفاً .. أحتضنه .. ملتصقَيْن دائماً .. نقتسم اللقيمات و أعقاب السجائر .. نقتسم الحزن و الفتيات .. أبيضٌ طويل بعينين زرقاوين .. و أسودٌ قصير نحيف .. انبعثت من إبطيه يوماً رائحة البُن المُخلّط بالعرق ، فطردته من البيت .. عندها انسحق مادّاً يديه في خذلان .. و الكلمات راكدة .. فخلع قميصه رافعاً ذراعه .. كان جرحاً أُلقم بُنّاً ليمنع النزف .. فمددت لساني مطفئاً السيجارة فوق طرفه .. ثم التصقنا .. واحدٌ كالتراب هشٌ رقيق .. واحدٌ كالماء منساب بين الجميع .. و التصقنا .. صلصال كالفخار .. يومض بحياة ما ..بينما المقابر باسطةٌ الأذرعة .. ملقية خيوطها الرقيقة حول جسده .. تسحبه في رفق .. و أنا صاخباً حادّاً أتبعه .. أروم الصحبة .. لكّن نسج الخيوط حوله وحده .. إن تقدّم اخترق .. إن تقدّمتُ افترقت .. و الله إنّا ملتصقان .. و الله إنّا واحد .. واحدٌ صلب قوي .. واحدٌ هاديء لين .. " شعر منكوش.. كشاعر مثلاً .. أليس كذلك .. السجائر السوبر تبدو أطول من الزمن نفسه .."

بينما القش متقاطع مع الكراسي الخيزران ... أرمي ثِقل الجسد فوق أصابع القدم .. عندها يُذيب الملح الوجه .. فتحتضنني أمك .. تبكينا .. نحتتنا سوياً ..

- كان ابن موت ...

أللموت ابن حقاً؟ يحبو الابن .. يضحك .. يداعبه الجميع .. فيلتصق بهم .. يكبر .. يصبح موتاً .

يناير 2000

هناك تعليقان (٢):

هويدا صالح / عشق البنات يقول...

لو لم تكن قد اصدرت المجموعة بعد لا تسمها نباتات الاسفلت
عنوان رمزي قوي
نصيحة أختية مش اخوية

غير معرف يقول...

يعني ايه عنوان رمزي قوي ؟